...توفى وهو بعيد عن أهله...

في يوم من الأيام وبعد تعب من ليلة قضيتها بفرح وسرور في حفل زفاف ابنة خالي..استيقظت من نومي على صوت ضجيج من بكاء وصراخ.. اشتد نبض قلبي..ترى ماذا هناك؟؟فقفزت من سريري بسرعة لأعرف من أين يصدر ذلك الصوت..ففتحت باب غرفتي وخرجت إلى الصالون ولم أرى أحدا..ولكن اقترب ذلك الصوت..فتبعته الى أن وصلت إليه وكان في غرفة الجلوس..ودخلت هناك وإذ أرى أمي وبعض من أقاربي يبكين..فسألتهم بدهشة مابكم؟فلم يجيبوني..فسألتهم مرة أخرى.. فوقفت خالتي واقتربت مني ثم أخرجتني من غرفة الجلوس..وجاءت بي الى غرفتي وقالت لي:ابقي هنا..قلت لها ماذا يجري؟ما بكم؟فقالت لي لا شيء..فقلت لها:نعم؟؟ أهذا معقول؟؟قولي لي كلام يقبله العقل..فجلست بجانبي وأخذتني في حضنها وقالت لي:عظم الله أجرك..عندما قالت هذه الجملة..فزعت وصرخت بصوت عالي..من توفى؟؟لا لا لا لا تقولي أبي..فبدأت تبكي وأخذتني في حضنها..ولكني لم أستوعب كلامها..والدي قد توفى؟؟
تركتها وذهبت الى امي وسألتها:هل صحيح هذا الكلام يا أمي؟؟ولكن أمي لم تجبني..وكانت تبكي بكاء مفجع ..وكل من في غرفة الجلوس يعزيني..حينها أيقنت أن والدي قد توفى.. فسقطت أرضا مغشيا علي..وعندما استيقظت..رأيت أمي وخالاتي من حولي..ودموعهم تتساقط بغزارة..فأجهشت في البكاء..فلم أتوقع أن أكون في هذا الموقف المروع.. ولكني في تلك اللحظة لم أفكر في شيء سوى اخوتي الصغار..كيف سيعيشون بلا أب يرعاهم..بلا أب يحميهم..بلا أب يعطف عليهم..ولم أفكر في نفسي ..كنت أظن بأني كبيرة..ولكن الحقيقة أن عمري لم يتجاوز الثانية عشر.. ولكن كيف يتوفى أبي وأنا لم أراه؟لقد كنت أنتظر عودته من السفر..لكي أسلم عليه وأجلس بجانبه..وأحكي له ما في داخلي ويحكي لي عما حدث له هناك..حيث كان مسافرا للعلاج..يا الله..توفي في إيران ودفن هناك.. يجب أن لا أبكي..ولا أحزن..لأنه توفى بين أهل البيت(ع).. وفي ليلة الجمعة.. انه محظوظ..رحمة الله عليه..لقد كرهت نفسي لفراقه..كرهت هذه الحياة.. بما فيها..فأتمنى الموت في كل لحظة..أحاول أن أخفف على نفسي..ولكن لا فائدة..أنا الآن أراه في كل مكان من منزلنا..وأترحم عليه..فكل منا ينتظر الموت..وكل منا يخافه..ولكن أين المفر؟كلنا ذاهبون في ذلك الطريق..رحمتك يا رب..




اختكم..
مرهفة الإحساس